أمل (قصة قصيرة)
بقلم رحاب محمد علي البسيوني
كعادتها لم يلحظ وجودها أحَدٌ، انسلَّت وسط المدعوِّين، واتخذَتْ مقعدًا بجوار أُمِّها، تأمَّلَتْ المكان مليًّا، أخذت تتفحَّص خلسةً وجوه الفتيات، وهن يتمايلْنَ ويتمازَحْنَ بوجوهٍ مُستبشِرةٍ وأعين ملؤها الأماني، توقَّفت عيناها على وجه العروس، تفحَّصَتَها بعُمْق؛ العين، الأنف، الفم. حاولت أن تستبدل ملامح العروس بملامحها هي، لم تستطع، حاولت ثانية؛ لكنها فشلت؛ إذ كلما استجمعت جزءًا تلاشى الآخر، فقد كان خيالها أصدقَ وأقربَ إلى الواقع منها، حاولت أن تنفض عن رأسِها الفكرة، زاد شعورُها بالوحشة، وزادها الصخب اضطرابًا.
عزمت أن تخرج من هذا الجو، نهضت وتلمَّست طريقها ببطء وسط الزحام، اشتبكت ملامحُها بأحد المقاعد، حاولت أن تدفع بنفسها؛ لكنها انكفأت على وجهها، هنا فقط انتبه لها الجميع وضحكوا كثيرًا، قاومت ارتعاشة جسدها، نهضت، عادت إلى حيث كانت تجلس منكمشةً على نفسها، نظرة لوم لا تخفى صدرَتْ من أمِّها، عاد الجميع إلى ما كانوا عليه، حاولت أن تدفع بعبرات عينيها نحو الداخل (ليس الآن) همست لنفسها.
انسلَّت من الزحام إلى الخارج؛ حيث الهواء يلفح وجهها، يبتعد الصخب عن أذنيها شيئًا فشيئًا ومعه يخفُّ ما جثم على قلبها من ثقل، آثرت الأزقَّة المظلمة؛ لتعبر منها إلى دارها، ترتكز بساقها السليمة، وتجرُّ ساقها العرجاء، وبينما تتبيَّن طريقها بصعوبة احتشدت السحب أمام عينيها، وبدأت دموعها تهطل بغزارة.
الالوكة
تعليقات
إرسال تعليق